mercredi 7 juillet 2010

وليد

وليد


ترعرع طفلا أنيقا شب متعلقا بأحلامه الوردية، آمن بالعدالة الكونية و لم يأبه البتة بالسعادة الفردية

والده:
أعطاه القدوة في تحقيق المصالح الشخصية و امتطاء النعرة الإنتهازية
تعاهد مع الشيطان، مع استبداد طغمة الحكم و استعباد فلول الإقطاعيين و تحالفات البورجوازية

والده
كان المنفذ لأوامرهم والمبرر لقسوتهم كان مستشارهم و محرضهم على التنكيل بالشعب
سهر بنفسه على اغتيال المعارضين من كل الأطياف
على ترميل النساء و تيتيم الأطفال و اغتصاب الصبايا
ألقى بخيرة الناس في غياهب السجون
و قال لإبنه هكذا آمل أن تكون
بلا رحمة و بلا شفقة
أنت أهم من كل العالم ثق بي
أنت محظوظ لأني كل ما أفعله أفعله من أجلك

مرت أعوام أضحى بينها الشاب رساما واعدا فتحت في طريقه جل الأبواب
وهللت بقدومه صحف النظام و قنوات النظام
عساها تخفي لوحاته ببهائها جرائم النظام و بشاعة النظام

مرت أعوام
مر صبح ذلك اليوم
حل المساء

معرض باذخ للوحات الفنان المبهر
احتارت اللوحات وسط حشد الزوار

تأملت ركحهم غنجهم و دلالهم
تأملت ملابسهم الفاخرة و استنشقت عطورهم المسكرة

تيتمت اللوحات أدركها الغبن
أشفقت لحالهم
كم يلزمهم من التكلف من البذخ
من الثراء من المظاهر
حتى يستطيبوا العيش

كم هم بؤساء

أغدقوا صب الشمبانيا في الكؤوس الفضية
دغدغت أحاسيسهم و عواطفهم فاكتشفوا ما تبقى من الإنسان في دواخلهم
تبادلوا النكات الفاضحة والتلميحات المشينة

هو صعد إلى الطابق العلوي منفلتا من هرج قلما استساغه
هي راقبته منذ البداية بفضول وإعجاب صيد ثمين ستتمكن منه
تعقبته و لحقت به

أرستقراطية لن تخجل من مغازلته

بادرته مبتسمة:
ـ أنا معجبة تعقبتك و لحقت بك عن سبق اصرار و ترصد
أجابها :
ـ لاأشك أبدا في إصرارك
لكن أن تكوني ترصدت بي فأنا لا أذكر
أننا التقينا قبل اليوم
ـ لم نلتق لكني رأيتك و أعجبت بك
ـ أشكرك على الإعجاب ، هذا لطف منك
ـ آه نسيت ، لم أعرفك بنفسي أنا أنا إسمي هناء
ـ يا لجمال إسمك هناء
ـ أيمكنني سؤالك وليد
ـ أجل أي شيء
ـ أعرض عليك صداقتي و أي شيء قد ترغب فيه سيسعدني ذلك
زم شفتيه برهة و ابتسم:
ـ أنا صديقك
ـ أكيد لن لن أضايقك سأنتظر أن تسأل أنت عني
ـ إذن كل شيء جيد
ـ أجل سعدت بالتعرف عليك

أخرجت قلما فضيا من حقيبتها و همت تسجل رقم هاتفها على المنديل الورقي المعقود حول كأس ويسكي فاخر

تأملها للحظات أمعن النظر في تقاسيم وجهها في عينيها في خصلات شعرها و أدرك لتوه كم هي ساحرة
تألم لحظة كونه لم يعرها اهتماما لائقا و لم يرفع بصره نحوها خلال حديثهما مكتفيا بترديد ما بدا له يلائم جميع الفتيات
أشفق عليها أكثر مما أشفق على نفسه
الآن بدت له شابة عذبة حلوة و جميلة
لو كان سيقع في الحب حتما سيقع في حبها هي

صدى موسيقى لاوندج تصل إلى مسمعه كأنها تعبر كل المسافات و الأزمنة و تدغدغ كل ما استقر في الذاكرة من وله ماض من أفراح و أحزان وشمت حياته ألوانا زاهية

سرح في تأمل بهاء محدثته دون أن يدرك أنها انتهت من كتابة رقم هاتفها و مدت يدها إليه و المنديل ملتف حول أصابعها الدقيقة كأنها تستعطفه أن يلامسها دون قصد

نادته برقة:
ـ وليد تفضل هذا رقم هاتفي هاتفني أنى شئت
رد بهدوء :
ـ شكرا

أفرط في الشرب تلك الليلة تعذر عليه النوم و أصابه الأرق جال شوارع المدينة
توقف عند معبر سكة حديد انتظر القطار دقائق و ثوان أخيرة تمر ...
تمر أمامه كل لحظات حياته بسرعة مرعبة استحضر فيها كل ذكرياته
وصل القطار
ارتمى في حضنه وعانقه
دهسه القطار و استمر في زعيقه

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire